كل من هذه الأساليب يوفر مبادئ أخلاقية وطرق للتفكير بالمسؤوليات، والواجبات والتزامات الحياة الأخلاقية. يمكن لهذه الطرق سواءً بشكل فردي أو معاً، أن توفر دليلاً عملياً في صنع القرارات الأخلاقية.
الأخلاق المعيارية الملزمة
يعتبر أسلوب الأخلاق المعيارية الملزمة أحد أكثر الأساليب الأخلاقية تأثيراً وشيوعاً، مرتبط بالفيلسوف إيمانويل كانت (1742-1804). هذا الأسلوب الأخلاقي يعرّف أفعالاً معينة على أنها صواب أو خطأ بحد ذاتها، على سبيل المثال: عدم الإيفاء بالوعود أو الكذب. لذلك، في سياق البحث العلمي مثلاً؛ بعض السلوكيات كالاحتيال، الانتحال أوالتحريف تُعد سلوكيات خاطئة أخلاقياً بحد ذاتها، وليس فقط لأنها تؤدي الى عواقب سيئة. يرتكز نهج الأخلاق المعيارية الملزمة عموماً على مبدأ أساسي واحد، وهو: عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك وتصرَف معهم بالطريقة التي تود أن يتصرَفوا بها معك أو عامل الأشخاص كغاية وليس كوسيلة تؤدي للغاية.
من هذه المبادئ المركزية المستمدة من أسلوب الأخلاق المعيارية الملزمة يمكننا أن نستنبط بعض القواعد والمبادئ التوجيهية لما هو مسموح ، مطلوب و محظور. إلا أن هناك بعض الاعتراضات على تلك المبادئ تتضمن صعوبة تطبيق بعض القواعد العامة على بعض الحالات الخاصة، على سبيل المثال: هل معاملة الآخرين كغاية تستبعد حالات الانتحار التي قد تكون بمساعدة الطبيب فيما يعرف بالقتل الرحيم أو تتطلب ذلك؟ لذا فإن أسلوب الأخلاق المعيارية قد يتناقض عموماً مع أخلاقيات العواقب (هوندريتش، 1995).
الأخلاق العواقبية
طبقاً لمبدأ الأخلاق العواقبية؛ صحة أو خطأ أي عمل يعتمد فقط على عواقبه. ينبغي على المرء التصرف بالطريقة التي ينتج عنها أفضل الحالات، حيث أفضل حالة قد تُفهم بطرق مختلفة، مثلاً، قد تؤخذ كأكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس، أو قد تُفهم كتحقيق أقصى حد للمتعة مقابل تخفيض الألم للحد الأدنى أو تحقيق أقصى حد من الرضا عن التفضيلات والاختيارات. نظرية المنفعة التي تتجذر في عمل جيرمي بنثام وجون ستيوارت ميل تؤخذ عادة على أنها مثال نموذجي للأخلاق العواقبية. الاعتراضات على مبدأ الأخلاق العواقبية تميل إلى التركيز على استعدادها لاعتبار حقوق الفرد وقيمه أنها "قابلة للتفاوض." لذلك، على سبيل المثال، فإن معظم الناس يعتبرون القتل خاطئ بغض النظر عن حقيقة أن قتل شخص واحد قد يسمح بإنقاذ حياة عدة أشخاص آخرين (التضحية الغير مألوفة بمريض ميؤوس منه للتبرع بأعضاءه لعدة مرضى آخرين محتاجين). وبالمثل، يحمل الرأي الأخلاقي على نطاق واسع بعض القيم الهامة (النزاهة والعدالة) ليس فقط لأنها تؤدي عادة إلى نتائج جيدة، بل في حد ذاتها تُعد كذلك.
فضائل الأخلاق
تركز فضائل الأخلاق على الطابع الأخلاقي بدلاً من عزل العمل عن السلوك. محور هذا النهج هو السؤال ماذا يجب علينا أن نكون (كأفراد، كعلماء، كأطباء) بدلاً من مجرد ماذا يتوجب علينا القيام به. التركيز هنا هو على الحالة الداخلية، أي التصرفات الأخلاقية والعادات مثل الشجاعة أو الحس العالي من النزاهة الشخصية. يمكن لفضائل الأخلاق أن تكون نهجا مفيداً في سياق تحمل المسوولية في إجراء الأبحاث والأخلاقيات المهنية، تأكيداً على أهمية الفضائل الأخلاقية مثل الرحمة والصدق والاحترام. هذا النهج لديه أيضاً الكثير ليقدمه في مناقشة قضايا أخلاقيات العلوم الحيوية حيث نجد التركيز التقليدي على الحقوق والمبادئ المجردة في كثير من الأحيان يؤدي إلى مناقشات مستقطبة ومتماطلة (على سبيل المثال، الإجهاض يثير جدلاً حول مناقضة حقوق الأم مقابل حقوق الجنين) .
أخلاقيات الرعاية
مصطلح "أخلاقيات الرعاية" ينبثق من عمل كارول جيليجان، التي وبعملها التجريبي في علم النفس الأخلاقي ادعت اكتشاف "صوت مختلف"، أسلوب للتفكير الأخلاقي يختلف عن ذلك القائم على مبدأ معين (على سبيل المثال، نظريات كانت وميل). أخلاقيات الرعاية تؤكد على الرحمة والتعاطف، فضائل ربطتها جيليجان بالأدوار التقليدية في تقديم الرعاية، خصوصاً تلك المقدمة من قبل المرأة.
يختلف هذا النهج عن النظريات الأخلاقية التقليدية من ناحيتين هامتين. أولاً، أنه يفترض التواصل والعلاقات بين الأشخاص، على سبيل المثال، فرق المختبر، زملاء العمل، الآباء والأبناء، الطالب والمعلم، بحيث لا يقتصر الاهتمام فقط على حقوق وواجبات الفرد الواحد. العالم الأخلاقي، حسب هذا الرأي، يكون بأفضل صورة ليس من خلال تفاعل الأفراد فيما بينهم على أنهم أشخاص منفصلون، كلٌّ حسب مصالحه و حقوقه الخاصة، بل على أنهم شبكة مترابطة من الواجبات والالتزامات. في معظم الأوقات يكون التفاعل فيما بيننا، ليس كأفراد غير مترابطين، بل كأعضاء من أسرة، كأزواج، في المؤسسات ، في المجموعات البحثية، في أي مهنة، وهلم جرا. ثانياً، هذه العلاقات الإنسانية، بما في ذلك العلاقات التبعية، تلعب دوراً حاسماً في تحديد ماهية الالتزامات والمسؤوليات الأخلاقية لدينا بناءً على ذلك. على سبيل المثال: لدى الأفراد مسؤوليات مميزة وخاصة عند رعاية أطفالهم، أو طلابهم، أو مرضاهم، أو الأفراد المشاركين في أبحاثهم.
مبدأ "أخلاقيات الرعاية" إذاً مفيد بشكل خاص في مناقشة بحوث الموراد البشرية والحيوانية، مسائل الموافقات المسبقة، ومعاملة الفئات الحساسة مثل الأطفال أوالعجزة أو المرضى.
أساليب دراسة القضايا أو الإفتاء في القضايا
يبدأ أسلوب دراسة القضايا من حالات حقيقية أو افتراضية. يهدف هذا الأسلوب إلى تحديد المبادئ المعقولة بديهياً التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في حل القضايا المطروحة. بعد ذلك ينتقل هذا النهج إلى تقييم نقدي لهذه المبادئ. على سبيل المثال، في مناقشة سياسة الإبلاغ عن المخالفات، يمكن أن تكون قضايا حديثة في السلوك السيء للبحث نقطة انطلاق جيدة، تسعى إلى تحديد وتقييم مبادئ معينة مثل الالتزام بسلامة المحتوى العلمي، حماية الخصوصية، أو تجنب الاتهامات الباطلة أو التي لا أساس لها. في سياق تعليمات التنفيذ المسؤول للبحث، دراسة القضايا تمثل واحدة من أكثر الطرق إثارة للاهتمام وأكثرها فعالية في تطوير الحساسية اتجاه القضايا الأخلاقية وصقل مهارات اتخاذ القرارات الأخلاقية.
بالمعنى الدقيق للكلمة، الإفتاء في القضايا يمكن فهمه بشكل أكثر صحة كوسيلة لممارسة الأخلاق أكثر منه كنظرية أخلاقية بحد ذاتها، ومع ذلك، لا يمكن فصله تماماً عن النظرية الأخلاقية. هناك حاجة إلى أساس للاستناد اليه في تقييم المبادئ المنافسة، مثلاً، أهمية رفاهية الشخص المريض مقابل الاهتمام فقط بتوزيع الموارد الطبية المحدودة، ما يجعل النظرية الأخلاقية ذات أهمية حتى مع أسلوب دراسة القضايا.
الأخلاق التطبيقية
الأخلاق التطبيقية هي فرع من الأخلاق المعيارية. انها تتعامل مع الأسئلة العملية المتعلقة بالمهن بشكل خاص. ربما يكون أشهر مجال أخلاق التطبيقية هو أخلاقيات العلوم الحيوية، التي تتعامل مع المسائل الأخلاقية التي قد تنشأ في مجال الطب والعلوم البيولوجية، مثلاً: المسائل المتعلقة بتطبيق مجالات جديدة في التكنولوجيا (الخلايا الجذعية، والاستنساخ، والفحص الوراثي، وتكنولوجيا النانو، وما إلى ذلك)، قضية القتل الرحيم، زرع الأعضاء، و التوزيع العادل للرعاية الصحية. التدريب على التنفيذ المسؤول للبحث أو "أخلاقيات البحث" هو مجرد واحد من أشكال مختلفة من الأخلاقيات المهنية التي وصلت إلى الشهرة منذ الستينات. من الجدير بالذكر، على أية حال، أن الاهتمام بأخلاقيات المهنة ليست بالأمر الحديث، فهناك تشريعات موجودة منذ القدم مثل قسم أبقراط وإعلان الشهادة بمعايير النقابة ( سنجر، 1986) .